عطالله وهبي _ كاتب ومحلل سياسي


انسحبت "جيرالد فورد"، أكبر حاملة طائرات في العالم، من الشرق الأوسط، عائدةً إلى فيرجينيا في الولايات المتحدة مع السفن الحربية المرافقة. وفي اليوم نفسه، أعلن النظام الإيراني، الذي يبلغ من العمر 44 عامًا، عن إرسال سفينة حربية تبلغ من العمر 51 عامًا إلى البحر الأحمر، وكأنه يُعلن عن الانتصار ويملأ الفراغ.
يبدو أن الرئيس الأميركي جو بايدن يعيد تكرار ما قام به معلمه والرئيس السابق للولايات المتحدة باراك أوباما من الحزب الديمقراطي، وهو نفس السيناريو الذي حدث مع  رئيس النظام السوري بشار الأسد في سوريا. حينما أرسل أوباما سفنا حربية إلى سوريا بعد استخدام الأسد للكيماوي ضد شعبه في عام 2013، ليعيدها أوباما من منتصف الطريق، ليتبين لاحقًا أنه لم يكن يرغب في تعكير اتفاقه النووي مع إيران، الذي تم التوصل إليه في عام 2015.
نجحت أميركا في ردع إيران بعد أحداث 7 أكتوبر، وانسحاب "جيرالد فورد" يُعتبر إعلانًا عن تحقيق المهمة، وأنه لا يوجد تهديدا إيرانيا حقيقيا على إسرائيل. هذا يعني أن بريت ماكغورك (كبير مستشاري الرئيس بايدن) وعلي باقر الكنّي (نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية) يستعدان لجولة مفاوضات في مسقط- عمان، لإعادة الولايات المتحدة مرة أخرى إلى الاتفاق النووي مع إيران، بعد خروج ترامب منه في عام 2018، وأن السياسة الديمقراطية في البيت الأبيض لم تتغير.
كل هذا لا يرضي اليمين الإسرائيلي، خاصة مع إسقاط المحكمة العليا الإسرائيلية لطلب نتنياهو للتفلت من قانون الحد من المعقولية، وتصريح وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أيضًا بأن إسرائيل لم تعد النجمة 53 على العلم الأمريكي، وإنها صديقة، ولكن على إسرائيل أن تتخذ إجراءات تتناسب معها، مثل تهجير الفلسطينيين من غزة والتخلي عن فكرة الدولتين. هذا بالتحديد ما سيقوم به نتنياهو لأنه دون ذلك سيكون جثة سياسية، وما حصل بالأمس في الضاحية الجنوبية - مربع حزب الله الأمني – يهدف إلى تغيير قواعد الاشتباك ودفع حزب الله للمبادرة وإعطائه ذريعة لفتح جبهة إضافية في الجنوب.
سعي أمريكا لتخفيض التوتر واحتواء حرب غزة، والسعي إلى اتفاق نووي مع إيران، وجعل إيران ضامنة لأمن إسرائيل، يشير إلى فقدانها لقوتها الردعية في الشرق الأوسط، بعد أوروبا، ويُنزِلها من عرش القوة الرائدة والقطب الوحيد في العالم.
عدم قدرتها على تحقيق انتصار على إيران في حرب الممرات البحرية الممتدة من مضيق هرمز وباب المندب والبحر الأبيض المتوسط وجبل طارق، سيضعها في موقف أضعف إذا ما قررت روسيا خوض حرب الممرات في البحر الأسود، وإذا خاضت الصين حرب ممرات بحرية أخرى في الإندو- باسيفيك.


المصدر : Transparency News