طارق أبو زينب - كاتب وصحافي متخصص في الشأن الخليجي والعربي


شهدت دولة الكويت منذ بَدء الحياة البرلمانية فيها قبل 61 عاماً حلّ مجلس الأمة 12 مرّة، وخلّف تكرارالحلّ وإجراء الانتخابات خلال السنوات الماضية حالة من الإحباط لدى الكويتيين. أعلنت وزارة الإعلام الكويتية الجمعة أن نسبة التصويت في انتخابات مجلس الأمة 2024 في جميع الدوائر بلغت 62.1%، كاشفة أن عدد من أدلوا بأصواتهم بلغ 518 ألفا و 365 ناخباً وناخبة، وتتنافس 200 مرشح، وهو أقل عدد منذ أكثر من خمسة عقود، على أصوات الناخبين البالغ عددهم نحو 835 ألفا لاختيار 50 عضواً في مجلس الأمة الكويتي.
وأظهرت نتائج انتخابات مجلس الأمة الكويتي لعام 2024 استحواذ النواب الشيعة على 8 مقاعد بعد أن كانوا في المجلس السابق7 ، وحصل السلفيون أيضاً على 8 مقاعد بعد أن كانوا 6، والإخوان المسلمين على مقعدين بعد أن كانوا 5 مقاعد، ولم تحصل المرأة إلا على مقعد واحد للنائبة السابقة جنان بوشهري التي كانت أيضا وحيدة في البرلمان السابق رغم نصف الناخبين من النساء. وذهبت باقي مقاعد المجلس، البالغ إجمالي مقاعده 50 مقعداً، إلى أبناء القبائل.
وبحسب النتائج الرسمية أبقت المعارضة على مقاعدها الـ29 من أصل 50، وحافظ 39 نائباً من مجلس الأمة المنحل على مقاعدهم، وغالبيتهم من الإسلاميين، بينما خسر ثمانية نواب سابقين تمثيلهم النيابي. أما عن التعاون في المجلس الأمة القادم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، سيكون أصعب تحد يواجه المجلس،  ويحتاج إلى حلحلة الملفات العالقة والبحث عن التوافق في صفوف البرلمان، وعلى الأعضاء ألا ينطلقوا في بناء خارطة تشريعية وإلزام الحكومة بها، بل يجب الدعوة لتشكيل حكومة قوية وإلزامها بتقديم برنامج عمل حكومي، على أن يراقب المجلس عمل الحكومة وفقا لبرنامجها.

مشاركة كثيفة في الانتخابات 
في هذا الإطار، صرحت الناشطة السياسية الكويتية هدى الكريباني، في حديث خاص  لـ "Transparency News" أنّ  نسبة الرضا عن الانتخابات انعكست من خلال المشاركة الشعبية التي تجاوزت نسبتها 60‎%‎ رغم التوقيت الرمضاني وانشغال الناس في العبادة خلال العشر الأواخر من رمضان، كما أن هناك دليلا آخر  وهو  أن نسبة التغيير  الإجمالي بلغت 22‎%‎. أما التغيير الإجمالي بعد اعتذار بعض النواب وسقوط البعض الآخر فقد بلغت14‎%‎ بخروج 7 أعضاء من أصل 50 نائبًا، ومن هذا نستخلص أن هناك رضا شعبي حقيقي.

امراة واحدة في مجلس الأمة الكويتي 
وعن نجاح مرشحة واحدة في مجلس الأمة رغم نصف النساء من الناخبين، أعتبرت الكريباني أنّ التجربة النسائية غير ناضجة، ونحتاج لمزيد من التوعية  والتجارب حتى نصل إلى مستوى التمثيل المناسب بعد نضوج التجربة بطريقة  سليمة، خاصة وأن الكويت من أوائل دول الشرق الأوسط التي خاضت هذه التجربةوقد احتجنا إلى سنوات طويلة لكي نطور تجربتنا.
وأضافت أن فوز النائب جنان بوشهري جاء بعد سنوات من العمل النيابي، بدأته في المجلس البلدي ثم طورته في العمل الحكومي بصفتها وزيرة، وبعد ذلك نجحت في أن تمثل ناخبيها خلال الدورة السابقة والدورة الجديدة.


تراجع الإسلام السياسي  
المشهد الأبرز تمثل بتراجع الأخوان المسلمين  في هذه الإنتخابات، وفي هذا السياق أكدت الكريباني أن التراجع جاء نتيجة طبيعية للمزاج العام فضل إعطاء الفرصة  للمرشحين المستقلين والليبراليين في دوائرهم، إضافةً إلى عودة العمل القبلي بقوة حيث أصبح المرشحون القبليون يعلنون خوضهم نيابةً عن قبائلهم وهذا أمرمشروع ولا يخالف القانون، ناهيك عن الأداء 
المتواضع للنواب الإسلاميين بشكل عام وتركيزهم على قوانين ثانوية وهامشية  لا تهم السواد الأعظم من الشارع الكويتي.
وبينما حصل المرشحون الشيعة على 8 مقاعد أوضحت الكريباني، أن الزيادة العددية في  المكون الشيعي أمر طبيعي طالما أن هناك تنسيقًا  بين القوى السياسية الشيعية التي نجحت في تنظيم
 صفوفها بشكل كبير، وكان  من الممكن أن يصبح العدد أكبر في حال تنازل بعض المرشحين لمصلحة آخرين لكن ذلك لم يحدث.

دور المعارضة في البرلمان 
وعن دور المعارضة في المجلس، أكدت الكريباني أنه لا توجد  معارضة حقيقية، إنما هي كتل سياسية مشتته في كثير من المواقف تتلاقى في مصالحها مع بعضها الآخر وتتحد في مواقع وتختلف في مواقع أخرى، ويعود  السبب إلى عدم وجود تنظيم سياسي حزبي معلن يقود العملية السياسية برمتها، لذلك سنجد تناقضًا في المواقف واندماجًا لنواب مع مواقف محددة  واختلافهم في  مواضع اخرى.
وأضافت الكريباني أنّ المجلس الجديد عليه مسؤوليات جسام  ومنها تلافي أخطاء  المجلس السابق والعمل من أجل تحقيق الصالح العام عبر مراقبة أداء الحكومة أولاً والتحقق من جديتها وقدرتها في العمل من أجل إصلاح أخطاء الماضي، ابتداءً من الاهتمام بالبنية التحتية والمساهمة الفعالة في تحويل الكويت إلى مركز مالي 
واقتصادي حقيقي، تطوير الرياضة، النهوض بالمستوى المعيشي، الارتقاء بالقطاع الصحي والتعليمي وأمور كثيرة.

 

( الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )


المصدر : Transparency News