حسين عطايا - ناشط سياسي



نتيجة الأزمة التي يعاني منها حزب الله، وبعد أن فهم أن المبادرة في الحرب قد انتقلت من يده ويد حماس في غزة إلى الكيان الإسرائيلي بعد السابع من أوكتوبر- تشرين الأول، وأن محور الممانعة بات أسير العنف الصهيوني وعمليات التدمير الممنهج إن في قطاع غزة أو في لبنان، أراد أن يوسع مروحة المجموعات المشاركة في حرب الإشغال والإسناد، فسمح لكل من مليشيا حماس والجهاد الإسلامي في مخيمات الجنوب، المشاركة بقصف شمال فلسطين المحتلة برشقات صاروخية تعلن عنها كلتا الجهتين.

وعلى الصعيد اللبناني، ساهم بتمويل وتسليح ذراع الجماعة الإسلامية - قوات الفجر، والتي كانت قد انسحبت من العمل العسكري في الجنوب منذ سنوات وسنوات، فساهم بعودتها لمناطق الجنوب وأخذت بين الحين والآخر تتبنى بعض العمليات، وهذه المجموعات تدور في فلك حزب الله وتعمل بوحي منه وتحت حمايته وإشرافه.
وبذلك يكون حزب الله استعاد بعض اليافطات المقاومة لكن الفعل الأساسي على عاتقه إن في تحديد توقيت العمليات ونوعية السلاح والأهداف المراد قصفها، وبالتالي أعاد الجنوب لأيام خوال، حين كانت فصائل المقاومة الفلسطينية تستبيح الجنوب وتقصف شمال فلسطين مما حقق أهداف العدو في اجتياح العام ١٩٨٢.
اليوم وبعد مرور عشرات السنين يستعيد حزب الله ما كان يسمى حينها فلتان المليشيات والتي على أساسها علت صرخة ونقمة أهل الجنوب على المقاومة الفلسطينية حتى باتوا يتمنون الاحتلال الإسرائيلي للتخلص من الواقع الذين عايشوه لفترة من الزمن، واليوم عادت قرى وبلدات الجنوب لتكون مسرحا لعمليات حربية وما ينتج عنها من دمار وخسائر بالأرواح والممتلكات.
أما الحدث الأبرز والذي يعتبر من نتائج الفلتان الأمني واستباحة المليشيات المسلحة ليس في الجنوبية فحسب بل انتقل إلى منطقة عكار في الشمال اللبناني.
عقب اغتيال المسيرات الإسرائيلية لمسؤولين في قوات الفجر التابعة للجماعة الإسلامية وهما من بينو العقارية منذ أيام قليلة، وأثناء عملية تشييعهما، اجتاحت المنطقة يوم أمس جحافل من مليشيات مسلحة ترتدي زيا عسكريًا موحدًا وبكامل أسلحتها وعتادها العسكري، وقد قامت بترويع المواطنين وإرهابهم نتيجة إطلاق النار من الأسلحة الفردية والمتوسطة الذي يحملها المسلحون المشاركون في التشييع، ولم يقتصر إطلاق النار من الأسلحة الفردي بل تعداه إلى قذائف الأربيجي في الهواء، بكثافة غير معهودة مما سبب بإرهاب المواطنين وما عاشوه من ساعات رعب أدى إلى إصابة عدد من المواطنين نتيجة الرصاص الطائش.
هذا الأمر، وفي هكذا توقيت يساهم ليس فقط بزيادة الفلتان الأمني واستباحة المليشيات لما تبقى من مناطق لبنانية وإرهاب المواطنين الآمنين في قراهم وبيوتهم، بل يفتح الباب على مصراعيه لزيادة حدة الفلتان الأمني وتسرب السلاح لعناصر قد يكون هدفها استعمال السلاح ليس لمقاومة الاحتلال في الجنوب بل لممارسة الأعمال الإجرامية وأعمال السلب والسطو المسلح، والتي تتزايد يوم بعد يوم.
بذلك تكون مليشيات حزب الله والتي تنبت في كل مرة يصل فيها الحزب لأزمة، فيخلق مجموعات وتسميات من سرايا المقاومة ومليشيا حزب فلان وتنظيم فلان واليوم قوات الفجر وحماس فرع لبنان أو الجهاد فرع لبنان، ويبقى الهدف عمليات هروب إلى الأمام لأنه يفتقد لمشروعية سلاحه، والذي بات الشغل الشاغل لأكثرية اللبنانيين الذين ينشدون العيش بسلام في وطنهم بعيدا عن مغامرات وحروب لم تأت للبنان سوى بالخراب والدمار.
محور الممانعة مأزوم حتى النخاع، وقد بات ينتظر من الولايات المتحدة ودول الغرب حلا لمأساته وأزماته المستفحلة، عل وعسى يحتفظ ببعض من قوته التي بات يفتقدها يوما بعد يوم نتيجة مغامرات السابع من أوكتوبر في قطاع غزة والثامنة منه في جنوب لبنان.

( الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" ).


المصدر : Transparency News