في ثوان معدودة، تحولت شوارع بيروت النابضة بالحياة إلى مسرح للخراب، وغطت سحب الدخان الكثيف سماء المدينة، تاركة وراءها مئات الضحايا وآلاف الجرحى، ناهيك عن دمار هائل طال مختلف أحياء العاصمة.

انفجار مرفأ بيروت، في الرابع عشر من آب أغسطس لعام 2020، اليوم الذي فقد لبنان فيه خيرة أبنائه، من نساء ورجال وأطفال، رحلوا تاركين وراءهم عائلات مفجوعة وأحلاماَ مبعثرة، انفجار لم يطل الأرواح فحسب، بل طال أيضاً البنى التحتية للمدينة، فتضررت المباني والمحال التجارية وفقدت العديد من العائلات بيوتها ومصدر رزقها. 

صفقات ضخمة لإدخال نترات الأمونيوم إلى لبنان

وبينما يبقى الجرح غائراً في قلب كل من فقد عزيزاً في ذلك اليوم، بقيت محاولات قتل القضية ومنعها من الوصول إلى اليد المسؤولة عن إزهاق أرواح اللبنانيين، لكن الحقيقة تتكشف على غير إرادة من حاولوا طمسها، وتظهر حقيقة الصفقات الخفية التي أوصلت نترات الأمونيوم للمرفأ. 

حيث كشفت تقارير غربية عن صفقات جرت بين مسؤول في حزب الله وإيران لتوريد نترات الأمونيوم إلى لبنان، بكميات هائلة كان مصيرها أن تبقى في المرفأ لسنوات في ظروف تخزين تفتقر لأدنى مقومات السلامة والتي أدت إلى وقوع الكارثة، وبعد تسريبات مختلفة أظهرت فواتير هذه الصفقات، ومعلومات أخرى تتعلق بتخزين النترات في المرفأ؛ تبين أن شخصاً واحداً يقف خلف ما حصل

رجل واحد يعبث بمستقبل مدينة كاملة

محمد جعفر قصير، المعروف باسم الحاج فادي \ الشيخ صلاح ومسؤول الوحدة 4400 في حزب الله،  والذي تكررت فضائحه المتعلقة بنمط الحياة الفاره الذي يعيشه هو والمقربين منه، كان هو المسؤول أيضاً عن إحضار نترات الأمونيوم إلى المرفأ، عن طريق عمله المباشر مع مسؤولين إيرانيين، أجرى من خلالهم صفقات لكميات كبيرة جرى تخزينها في مرفأ بيروت.

كما تكشف الفواتير المسربة من داخل حزب الله، أن نترات الأمونيوم جرى نقلها إلى لبنان بين عامي 2013-2014 وكان المسؤول عن كافة الترتيبات المتعلقة بها هو محمد جعفر قصير "الشيخ صلاح"، وهو ما يتطابق مع تقارير إعلامية تحدثت سابقاً عن صفقات لنقل أطنان من الأمونيوم من إيران إلى بيروت.

 هذا المخزون الهائل من الأمونيوم الذي جره الحاج فادي إلى لبنان والذي بقي وقتاً طويلاً دون أية فحوصات دورية أو اختبارات لمعايير الوقاية، كان سبب الكارثة الأكبر في تاريخه، التي تكشف أيضاً حجم نفوذ الحاج فادي وتغلغل فساده لمستويات كبرى، فهو لم يتعرض لأي مساءلة داخل الحزب أو خارجه عن سببب وجود هذه المادة في مرفأ لبنان، على بعد أمتار فقط من المواطنين الآمنين في بيوتهم وشوارعهم.

ورغم كل الكوارث التي يتسبب بها والفضائح التي تلاحقه، إلا أنه ليس عرضة لأي نوع من المحاسبة، حتى بعد اختلاسه ملايين الدولارات من أموال الحزب نفسه، لتمويل مشاريع شخصية، كان آخرها فضيحة تأسيس شركة مالية مبنية لسرقة أموال اللبنانيين المحتجزة في البنوك والتي ثبت تورطه الشخصي في ترتيب معاملاتها لتهريب وسرقة الأموال.

 


المصدر : Transparency News